هل شعرت يومًا بعد نهاية وجبة شهية برغبة ضاغطة تدفعك فورًا إلى الحمام؟ هذا التأثير الشائع، وإن كان يُتداول في النكات أو يُعتبر مزعجًا بسيطًا، هو مجرد خطوة فسيولوجية تُعرف بالانعكاس المعدي القولوني. يقوم بها الجسم لإفساح مجال للطعام الجديد داخل المعدة. تفاوت قوة وتكرار هذه الظاهرة قد يرجع إلى عوامل مُشاركة لا علاقة لها بكمية الطعام نفسها.
ما الانعكاس المعدي القولوني؟ هي وظيفة روتينية للجهاز الهضمي. عند الأكل تتسع المعدة لتستقبل الطعام، فيُطلق تمددها شارات عصبية تُحرّك قاذورات القولون عبر تموجات عضلية تُسمى التمعجات. يترتب على ذلك دفع الفضلات باتجاه المستقيم وظهور الحاجة إلى التبرز. معنى ذلك أن الجسم يُنظّف داخليًا قبل استقبال المزيد. ولغالبية الأشخاص يُعدَّ ذلك مؤشرًا على سلامة الجهاز الهضمي. عوامل تزيد سرعة الانعكاس قد تزيد بعض الظروف جلاء المفعول أو تُسرّعه:
- وجبات دسمة أو كبيرة: زيادة الدهون أو كثرة الكمية يُفعّل تمعج القولون، فيؤدي إلى شعور سريع بالحاجة.
- الكافيين: كوب القهوة لا يوقظ فقط الدماغ؛ إذ يُحفّز الكافيين القولون لدى نحو ثلث الأشخاص، بل حتى القهوة منزوعة الكافيين قد تُصيبهم بذات التحفيز.
- التوتر والقلق: ارتباط الدماغ بالأمعاء قوي. في ضغط نفسي قد تبطأ إفراغ المعدة بينما تسارع العمليات داخل القولون، فينحس الانعكاس بشكل ملحواح.
- تمارين شاقة: يعرف كثير من العدائين «متلازمة الأمعاء التمرينية»، إذ تُقلّص الرياضية الشديدة تدفق الدم إلى الأعضاء الهضمية وتُنبه الجهاز العصبي فتُحرّك الأمعاء.
متى يدل على سبب مرضي؟ التبرز بعد الأكل في الغالب طبيعي، لكن استمرار الألم أو إظهار أعراض مقلقة بعد كل وجبة مرتبط أحيانًا بمشكلة هضمية:
- متلازمة القولون العصبي: في الطّراز الإسهالي يظهر الانعكاس مفرطًا بما يفرض حاجة ملحة بعد دقائق من تناول الطعام.
- عدم تحمل طعام: إن لم يتمكن الجسم من تحليل صنف معين، ظهرت اضطرابات. مثلاً عدم تحمل اللاكتوز يسبب إسهالًا وغازات بعد الحليب.
- أمراض الأمعاء الالتهابية: كرون والتهاب القولون التقرحي يُحدثان التهابًا مزمنًا قد يصل إلى إسهال مفاجئ وإلحاح شديد.
- متلازمة الإغراق: تتدنّى سرعة تفريغ المعدة إلى الأمعاء الدقيقة، فيحدث إسهال وغثيان وألم بعد الأكل مباشرة، غالبًا بعد جراحة معدية أو لدى مرضى النوع الثاني من السكري.
نصائح للحدّ من الإلحاح إذا استفزّك الانعكاس يوميًا جرّب:
- وجبات صغيرة متعددة: بدلاً من ثلاث كبيرة جعل عددها ست وجبات يقلل كمية الامتلاء في أي وقت.
- تجنّب المثيرات: لاحظ تأثيرك الشخصي للدهون، التوابل، الكافيين، الكحول أو الصنف الذي لا تتحمّله واحذفه إذا اقتضى الأمر.
- خفض التوتر: تقنيات اليقظة أو التأمل أو التمارين الخفيفة تُقوّم محور الدماغ والأمعاء.
- توقيت السوائل: للبعض يكون من الأريح الانتظار نحو نصف ساعة بعد الأكل قبل الشرب.
ختامًا، التبرز بعد الطعام عادة يؤكد أن الهضم يجري بانتظام. لكن استمرار الألم أو الإسهال المتكرر أو دم في البراز أو فقدان وزن غير مبرر يستدعي مراجعة الطبيب للتثبت من خلوّ سبب صحي خفي.