يُعد الأكل العاطفي، وهو استعارة سينمائية شائعة، حالة سلوكية ونفسية واقعية، وليس مرضًا، وفقًا لخبراء التغذية. يتضمن استخدام الطعام للتعامل مع المشاعر القوية أو الهروب منها مثل التوتر والقلق والحزن والملل أو حتى الفرح الشديد. يمكن أن تؤدي هذه الممارسة إلى شعور مؤقت بالراحة، والذي يتلاشى بسرعة، مما يحبس الأفراد في دائرة من الاعتماد العاطفي على الطعام.
فهم الأكل العاطفي: منظور نفسي
يُعرّف الأكل العاطفي بأنه حالة نفسية وسلوكية يصبح فيها الطعام آلية للتكيف مع المشاعر الشديدة، بدلاً من أن يكون استجابة للجوع الجسدي. تؤكد الدكتورة سارة أحمادون، أخصائية التغذية، أن هذا السلوك ليس مرضًا بل استجابة مكتسبة للمحفزات العاطفية.
أسباب الأكل العاطفي
تساهم عدة عوامل في تطور الأكل العاطفي:
- العوامل النفسية والسلوكية: القلق المزمن، التوتر اليومي، وتجارب الطفولة (مثل استخدام الطعام كمكافأة).
- نقص تنظيم العواطف: عدم وجود استراتيجيات فعالة لإدارة العواطف.
- العوامل الفسيولوجية: التعب، اضطرابات النوم، الاختلالات الهرمونية، ونقص الناقلات العصبية مثل الدوبامين أو السيروتونين.
- العوامل الاجتماعية: يمكن أن يؤدي العزلة الاجتماعية والوحدة إلى تفاقم الأكل العاطفي.
الأعراض والعواقب
يتجلى الأكل العاطفي من خلال أعراض مميزة ويمكن أن يكون له تأثيرات صحية كبيرة:
- الرغبة الشديدة المفاجئة: رغبة مفاجئة في الطعام دون جوع جسدي.
- تفضيل "الأطعمة المريحة": الميل نحو الأطعمة الغنية بالسكر أو الدهون أو الملح.
- الشعور بالذنب بعد الأكل: مشاعر الندم أو الأسف بعد تناول الطعام.
- الأكل غير الواعي: تناول الطعام أثناء الانشغال بأنشطة أخرى (مثل مشاهدة التلفزيون، استخدام الهاتف).
- الأكل بعد الشبع: الاستمرار في الأكل حتى عند الشعور بالشبع.
- الاعتماد العاطفي على الطعام: استخدام الطعام كمصدر أساسي للراحة.
فسيولوجيًا، يوفر استهلاك السكر راحة مؤقتة، مما يؤدي إلى دورة من الاعتماد. يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع مستويات الأنسولين، ومقاومة الأنسولين، وتخزين الدهون، والالتهاب المزمن، والتعب، والانتفاخ، والمشاكل الهرمونية.
استراتيجيات التغلب على الأكل العاطفي
يتطلب معالجة الأكل العاطفي نهجًا متعدد الأوجه:
- الوعي الذاتي: التعرف على السلوك والاعتراف به دون لوم الذات. فهم مشاعرك والاستماع إليها بدلاً من قمعها بالطعام.
- اعتماد نمط حياة صحي: توصي الدكتورة حورية مخلوفي، أخصائية علوم التغذية، بما يلي:
- النوم الكافي: الحفاظ على جداول نوم منتظمة.
- النشاط البدني: ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة على الأقل، ثلاث مرات في الأسبوع.
- اليقظة والتنفس: ممارسة التأمل وتقنيات التنفس المتحكم فيه.
- نظام غذائي متوازن: تناول نظام غذائي صحي ومتوازن غني بالخضروات والفواكه والبروتينات، ويفضل أن يكون ذلك تحت إشراف متخصص.
- ممارسات الأكل الواعي: مضغ الطعام جيدًا والحفاظ على التنفس المنتظم أثناء الوجبات. يرسل هذا إشارات إلى الدماغ حول الشبع، مما يتيح خيارات أكل أكثر ذكاءً.