الصحة اليومية
·17/12/2025
تشغل الدهون المشبعة نقاشات الطعام منذ عشرات السنين. تأتي من منتجات حيوانية مثل الزبدة والجبن ولحم البقر والضأن، وظلت النصائح الطويلة تنبه إلى أنها تسد الشرايين وتزيد احتمالية الإصابة بأمراض القلب. توصي التوجيهات الصحية الرسمية الإناث البريطانيات بعدم تجاوز 20 غراماً يومياً من هذه الدهون، والذكور بعدم تجاوز 30 غراماً. مع ذلك بدأ العلماء يعدّلون موقفهم منها.
أعاد باحثون تحليل سبع عشرة دراسة شملت أكثر من ستة وستين ألف شخص، فتبيّن أن خفض الدهون المشبعة لم يغيّر كثيراً احتمال الوفاة لدى عامة الناس. الفائدة الواضظة ظهرت فقط لدى من يعانون اضطرابات قلبية أوعائية. بالنسبة للبقية ظل التأثير ضئيلاً خلال خمس سنوات. يُظهر هذا أن رد الفعل الغذائي يختلف من شخص لآخر بحسب الحالة الصحية والاستعداد الوراثي.
الخطر المتوقع يكمن أساساً في تأثير الدهون المشبعة على كوليسترول الدم، ما قد يرفع احتمال الإصابة بأمراض القلب. لكن ليست كل الأحماض الدهنية المشبعة متشابهة، ولا كل الأطعمة الحاوية لها. تشير أبحاث إلى أن أنواعاً فرعية محددة قد تكون وقائية إذا أُدمجت ضمن نظام غني بالدهون غير المشبعة المتعددة والأحادية.
رغم ذلك يبقى الإفراط في هذه الدهون سبباً لارتفاع الكوليسترول، لذا يُفضَّل الاعتدال، خاصة لمن يملك عوامل خطر قلبية مسبقة.
ما زالت هيئة الخدمات الصحية الوطنية والحكومة البريطانية تنصح بألا تتجاوز الدهون المشبعة عشرة في المئة من مجموع السعرات. يستند الموقف إلى الحذر من تعديلات غذائية مستندة إلى دراسة امتدت خمس سنوات فقط، بينما تعتمد معظم نماذج خطر القلب عشر سنوات أو أكثر. يُنصح أيضاً باستبدال قسم من الدهون المشبعة بأنواع غير مشبعة تأتي من زيت الزيتون والمكسرات والأفوكادو والأسماك الدهنية.
تكشف الأبحاث يوماً بعد آخر التأثير المعقد للدهون المشبعة على الصحة، وتدحض بعض الافتراضات القديمة. ليس من الضروري لكل الناس التخلص التام من الزبدة والجبن، لكن يظل الاعتدال والنظام الغذائي الشامل هما الأساس. ستكشف دراسات لاحقة الدور الحقيقي لهذه الدهون، أما الآن فالنهج المتنوع والمتوازن هو الخيار الأكثر استدامة والمدعوم بالدليل.









