الصحة اليومية
·06/11/2025
عندما يفاجأ الوالدان بولادة طفل قبل الأسبوع الثامن والعشرين، تبدو وحدة رعاية الخدّاج (NICU) لهما مزيجًا من شعاع أملٍ وعدم يقين. تقدّم أجهزة التنفس وأدوات المراقبة فرصة للخدّاج الذين يولدون أثناء الأسبوعين الثاني والعشرين والرابع والعشرين. لكنّ هذا الإنقاذ يترافق مع تبعات جسيمة. يظهر على الأفق الآن مشروع «رحم اصطناعي». تقدّم السطور التالية مقارنة هادئة بين الرعاية المعمول بها اليوم والتقنية الجديدة، مع شرح ما قد تقدمه من فائدة وما تطرحه من أسئلة صعبة.
عندما يولد الطفل باكراً جداً، تبقى أعضاؤه غير جاهزة للحياة خارج الرحم. الرئتان هما العنبان الأضعف. في الولادة الكاملة تعمل أولى نفسات الهواء كمحوّل يبدّل وظائف القلب والأوعية. أمّا الخدّاج فيصل إلى هذه اللحظة وعظام صدره نحيلة، وأسطح تبادل الأكسجين لديه لم تكتمل، فلا يستطيع نقل الأوكسجين وثاني أوكسيد الكاربون بكفاءة.
تركّز وحدة رعاية الخدّاج على دعم الأجهزة غير الناضجة دون أن تعدّل من سير نموها. تتضمن الإجراءات المعتادة:
إجمالاً، تُجبر الطريقة الحالية جسم الطفل على التعامل مع الهواء قبل أن يتأهّل لذلك. ينجو عدد كبير، لكن خطر إصابة دماغية أو إعاقة حركية أو تأخر في النمو يبقى مرافقاً لمن وُلدوا على حافة القدرة البيولوجية.
يخطئ الفريق البحثي بالاتّجاه المعاكس؛ لا يريدون فرض التكيّف بل يُوسّعون بيئة مماثلة للرحم. يُطلق على الجهاز «رحم اصطناعي» أو «كيس حيوي» أو «منظومة دعم الحياة قبل الولادة». يُراد به جسر يربط بين بطن الأم والعالم الخارجي.
الفكرة الأساسية تتجلّى في إخراج الطفل بعملية قيصرية وإنزاله مباشرة إلى حوضٍ معقّمٍ مملوء بمحلول ملحي دافئ. لا يأخذ الطفل أول نفس هوائي، بل يبقى مغموراً. تتكوّن المنظومة من:
باعتبار الرئتين غير معرضتين للهواء أبداً، يُمنح للرئتين وللباقي من الأعضاء أسابيع حاسمة إضافية في بيئة مظللة منخفضة التوتر. يُنقل الطفل إلى الحاضنة فقط بعد أن يكتمل نضج أكبر.
يتراءى للعين على المستوى الفسيولوجي ربح كبير: تتجنّب الرئة الصدمة الأولى، فينخفض احتمال التليّف الُرئوي المزمن وغيره من التعقيدات المترتبة عن جهاز التنفس. يَعدُ الجسم رحلة انتقالية هادئة.
لكن التقنية تطرح جانباً وجدانياً وأخلاقياً جديداً. التقاطع الوالدي مع الخدّاج في الحاضنة، مع أسلاكه وأنابيبه، يُعدّ تحدّياً. فكرة أن يشاهد الوالدان طفلهما معلقاً داخل كيسٍ مملوءٍ بسائل شفاف قد يبدو أكثر غموضاً.
يدرك الباحثون ذلك، لذا يُعِدّون أنظمة تتيح تماس والدين-طفل أثناء التغميس. من الميزات التي يُختبرها النموذج الأولي فتحات ناعمة تتيح مس اليد ونظام صوتي يبث صوت الأم ونبضات قلبها؛ يَعترف المصمّمون بأن تفاعل الوالدين حاجزٌ وجداني وقد يؤيَّى في تحقيق نتائج صحية جيدة بعيداً.
إضافةً، يطرح توفّر مثل هذه التقنية القوية أسئلة صعبة على الوالدين والفريق الطبي في لحظات طوارئ؛ الإلحاح لإنقاذ الطفل قد يصعّب التفكير الهادئ. سيُطلب من الوالدين أن يزنوا بين منفعة تجربة حديثة ومخاطر مجهولة، كل ذلك تحت ضائقة وجدانية عظمى.
يشكل اختراع الرحم الاصطناعي تحولاً محتملاً في تدبير شؤون الخدّاج. يبتعد عن التدخل التفاعلي ويتّجه نحو إستراتيجية استباقية تدعم النموّ المتصل. لدى عشرات الآلاف من الخدّاج الذين يولدون سنوياً قرب حدود البقاء، يمكن أن يقدّم الجهاز فرصة أكبر للنجاة وجودة حياة أوْلى.
ليس حلاً سهلاً. يُحدث الرحم الاصطناعي تعديلاً في المفاهيم التقليدية للحمل والبنوة، ويُبرز معضلة أخلاقية جديدة. مع اقتراب التجارب الإكلينيكية، ينبغي أن يشمل النقاش ليس فقط الجوانب التقنية والطبية بل التأثير الإنساني العميق على الأسرين الذين صُنع من أجله الجهاز. الهدف، في آخر المطاف، ليس إنقاذ الحياة وحسب، بل ضمان أن تبدأ هذه الحياة بداية صحية ومطمئنة ما أمكن.









