الصحة اليومية
·06/11/2025
على مدى عقود، كانت عملية اختراع دواء جديد مثل عدو طويل الأمد ومكلف وغالبًا ما يكون مصيره غير مضمون. قضى الباحثون سنوات، أحيانًا عشر سنوات كاملة، في البحث عن مركبات لمحاربة الأمراض واختبارها. لكن ماذا لو تحولت هذه الرحلة الطويلة إلى شوط قصير؟ هناك تحول كبير يحدث عند التقاء البيولوجيا بالتكنولوجيا، حيث بدأ الذكاء الاصطناعي في صناعة أدوية جديدة تمامًا، واعدًا بتغيير صورة الرعاية الصحية كما نعرفها.
قبل أن نخوض في عالم الذكاء الاصطناعي، نحتاج لفهم الهدف منه، وهو الأجسام المضادة. تعمل هذه البروتينات مثل فريق أمن متخصص داخل الجسم، ينتجه الجهاز المناعي ليتعرف على الغزاة مثل البكتيريا أو الفيروسات ثم يقضي عليهم. أما الطب الحديث، فقد تعلم استغلال هذه البروتينات من خلال تصنيع أجسام مضادة أحادية النسيلة، أي نسخ مختبرية تربط خلايا محددة مثل الخلايا السرطانية، أو تسد البروتينات المسببة للالتهاب في أمراض المناعة الذاتية. صارت هذه الأجسام حجر الأساس في علاج العديد من الحالات المعقدة.
الطريقة القديمة لاكتشاف الجسم المضاد المناسب كانت شاقة، فكانت تبدأ بفحص ملايين المركبات المحتملة. هنا يدخل الذكاء الاصطناعي، وخاصة تقنيات التعلم الآلي التي تُجري عمليات رقمية على كميات هائلة من البيانات البيولوجية من بُنى البروتينات إلى الشفرات الجينية، وبسرعة تفوق القدرات البشرية. لم يعد قيد البحث داخل ما هو موجود فقط، بل أصبح بالإمكان تشييد أجسام مضادة خالية من نقطة الصفر. من خلال فهم الشكل والخصائص التي تضمن الارتباط بدقة بالهدف، ينتقل الذكاء الاصطناعي إلى رسم خطة جديدة لجسم مضاد مُحكم لهذه المهمة.
الآمال العريضة التي تولدها توليفة الذكاء الاصطناعي مع الأجسام المضادة تمتد عبر كل أفرع الطب.
رغم الحماس حول التقنية، يظل الحذر ضروريًا. لم يفرد الطريق عقبات.
الشخص العادي لن يمسك حتى اليوم بجسم مضاد شكله الذكاء الاصطناعي، لكنها مسألة تُرجى ليس إلا. ترمز التقنية إلى فجر طب موضوع حسب المريض، يتيح تخصيص العلاج بما يطابق الحالة. وتبشر بقدرة أكبر على إطلاق استجابة سريعة للأمراض المستجدة. علينا أن نتيح للعلم تجريب المسار؛ إلا أن التحالف بين الإبداع البشري والذكاء الاصطناعي يضع بين أيدينا فصلا غير مسبوق في كتاب الرعاية الصحية، يرمي إلى عالم أكثر صفاء.









