الصحة اليومية
·09/06/2025
يتحدى علماء معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وجهات النظر التقليدية حول تخزين الذاكرة، مقترحين أن الخلايا النجمية، التي غالبًا ما تُعتبر مجرد خلايا داعمة، تلعب دورًا حاسمًا إلى جانب الخلايا العصبية. يشير نموذجهم الجديد إلى أن هذه الخلايا النجمية يمكن أن تفسر القدرة الهائلة للدماغ على تخزين الذاكرة، والتي تتجاوز بكثير ما يمكن تفسيره بالخلايا العصبية وحدها. يفتح هذا البحث آفاقًا جديدة لفهم وظائف الدماغ ويمكن أن يلهم ذكاءً اصطناعيًا أكثر دقة بيولوجيًا.
لعقود من الزمان، اعتُبرت الخلايا العصبية المهندسين الأساسيين للذاكرة، حيث تنقل الإشارات الكهربائية لتخزين المعلومات واستدعائها. ومع ذلك، يحتوي الدماغ البشري أيضًا على مليارات الخلايا النجمية، وهي خلايا نجمية الشكل ذات أذرع متفرعة واسعة تتصل بملايين الخلايا العصبية. تاريخيًا، كان يُعتقد أن الخلايا النجمية تؤدي وظائف داعمة فقط، مثل تنظيف الحطام وتوفير المغذيات. ومع ذلك، تشير الأبحاث الحديثة إلى دور أكثر نشاطًا في وظائف الدماغ، بما في ذلك الذاكرة.
طور باحثو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بقيادة جان جاك سلوتين، وديمتري كروتوف، وليو كوزاتشكوف، نظرية جديدة تفترض أن الخلايا النجمية جزء لا يتجزأ من تخزين الذاكرة. يشير نموذجهم إلى أن العدد الهائل من الاتصالات التي تقوم بها الخلايا النجمية مع الخلايا العصبية يمكن أن يفسر القدرة الهائلة للدماغ على تخزين الذاكرة، والتي هي أكبر بكثير مما يمكن تفسيره بالاتصالات العصبية وحدها.
تؤدي الخلايا النجمية العديد من الأدوار الداعمة الحيوية في الدماغ، بما في ذلك إزالة الحطام، وتوفير المغذيات، وتنظيم الأكسجين للخلايا العصبية. والأهم من ذلك، أن امتداداتها الصغيرة تلتف حول المشابك العصبية - وهي الوصلات التي تتواصل فيها الخلايا العصبية - لتشكل ما يُعرف بـ "المشبك الثلاثي" الذي يضم خليتين عصبيتين وخلية نجمية واحدة.
على عكس الخلايا العصبية، لا تولد الخلايا النجمية نبضات كهربائية. بدلاً من ذلك، تتواصل من خلال إشارات الكالسيوم. تسمح هذه الإشارات للخلايا النجمية بالتزامن مع النشاط العصبي. عندما تكتشف الخلايا النجمية النشاط العصبي، تتغير مستويات الكالسيوم لديها، مما يؤدي إلى إطلاق مواد كيميائية تسمى الناقلات الدبقية في المشبك. يشير هذا التفاعل إلى دور أكثر ديناميكية للخلايا النجمية في تعديل وظيفة المشبك، وبالتالي الذاكرة.
استخدم فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مفهومًا يسمى شبكات هوبفيلد، وهو نوع من الشبكات العصبية الاصطناعية، لنمذجة كيف يمكن لهذه الاتصالات أن تسهل تخزين الذاكرة. بينما تم استخدام شبكات هوبفيلد التقليدية لشرح وظائف الدماغ، إلا أنها تفتقر إلى القدرة على مطابقة سعة تخزين الذاكرة الهائلة للدماغ البشري.
لجأ الباحثون إلى نسخة أكثر تقدمًا، وهي الذاكرة الترابطية الكثيفة، التي تزيد بشكل كبير من تخزين المعلومات عن طريق إنشاء اتصالات معقدة بين العديد من الخلايا العصبية. ومع ذلك، كان التحدي هو شرح كيف يمكن للدماغ أن يشكل مثل هذه الاتصالات المعقدة متعددة الخلايا العصبية نظرًا لأن المشابك النموذجية تربط خليتين عصبيتين فقط. وهنا تصبح الخلايا النجمية محورية.
في نموذجهم الجديد، تمكن الخلايا النجمية تخزين المزيد من المعلومات مقارنة بالنماذج التقليدية من خلال تسهيل الاتصالات المعقدة متعددة الخلايا العصبية. يقدم هذا النموذج المبتكر تفسيرًا محتملاً للقدرة الهائلة للدماغ على تخزين الذاكرة.
للتحقق من صحة هذا النموذج، ستحتاج الأبحاث المستقبلية إلى التحقيق في كيفية تأثير التلاعب باتصالات الخلايا النجمية-الخلايا العصبية على الذاكرة. وبعيدًا عن علم الأعصاب الأساسي، يحمل هذا النموذج وعدًا كبيرًا للذكاء الاصطناعي. من خلال فهم ومحاكاة كيفية مساهمة الخلايا النجمية في الذاكرة، يمكن للباحثين تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر ذكاءً وكفاءة في استخدام الطاقة. يمكن لهذا البحث أن يسد الفجوة بين علم الأعصاب والذكاء الاصطناعي، مما يجعل نماذج الذكاء الاصطناعي أقرب إلى وظائف الدماغ البيولوجية.









