التكنولوجيا اليومية
·10/12/2025
أحدثت التطورات الحديثة في الروبوتات ومجسات الاستشعار تغيّرا جذريا في دراسة البيئات البعيدة والقاسية على الأرض. من أبرز هذه التطورات إطلاق عوامات أرجو: أدوات تطفو بمفردها وتتابع المحيطات. استعادة بيانات نادرة من عوامة أرجو علقت ثمانية أشهر تحت الجليد القطبي تتيح مقارنة التقنية بطرق القياس الأوقيانوغرافية التقليدية، خصوصا في المناطق التي يصعب الوصول إليها مثل قاعدة الأرفف الجليدية.
يعتمد البحث الأوقيانوغرافي التقليدي قرب القطب الجنوبي على سفن أبحاث مزودة بمجسات أو مركبات تعمل عن بعد (ROVs). تواجه تلك الوسائل صعوبات كبيرة تحت الأرفف الجليدية السميكة إذ يكون الوصول محدودا جدا ونشرها لوجستيا شاقا. بمجرد إنزالها تغوص عوامة أرجو تحت الجليد بمفردها وتسجل درجات الحرارة والملوحة بانتظام. تجربة عوامة أرجو الأخيرة في رف دينمان الجليدي كشفت قدرتها على جمع بيانات كل خمسة أيام لمدد طويلة، وهو أمر لا تستطيع البعثات التي تعتمد على السفن تحقيقه بسبب التكاليف العالية ومخاطر الملاحة.
تحملت عوامة أرجو ظروفا قاسية ببقائها نحو ثمانية أشهر تحت الجليد القطبي وجمعت 195 ملفا خلال عامين ونصف. تحتوي الملفات على قياسات للحرارة والملوحة من قاع البحر حتى قاعدة الرف الجليدي، وهي أول مجموعة بيانات منهجية تحت رف جليدي في شرق القطب الجنوبي. بالمقارنة، تُقيّد الطرق التقليدية نوافذ التشغيل القصيرة والتغطية المكانية الضيقة رغم دقة العينات. ميزة أرجو الأساسية تكمن في قدرتها على تسجيل بيانات من مواقع لم تُقاس سابقا.
مكنت البيانات القادمة من عوامة أرجو الباحثين من استنتاج مسودة الجليد عبر تحديد لحظة ملامسة العوامة لقاعدته. أتاح هذا الأسلوب الجديد، المدعوم بقياسات الأقمار الصناعية، رسم مسار العوامة وتقييم حالة الرف الجليدي. أظهرت بيانات العوامة أن بعض الأرفف الجليدية بقيت معزولة عن المياه الدافئة بينما بدأت أخرى بالذوبان. هذا النوع من المراقبة المستمرة في الموقع يتفوق على البيانات السطحية أو المتقطعة من الأقمار الصناعية التي لا تستطيع قياس الظروف تحت الجليد السميك مباشرة.
رغم المزايا الواعدة لعوامات أرجو، توجد قيود. بمجرد دخولها تحت الجليد السميك تفقد العوامة إشارة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، فيضطر الباحثون إلى استنتاج المواقع بشكل غير مباشر. لا تستطيع العوامات اختراق الجليد بل تقتصر على قياس العمود المائي أسفله. تمكّن الطرق التقليدية، رغم احتياجها لجهد كبير، أخذ عينات موجّهة والتحكم بمواقع القياس. مع ذلك، البيانات الفريدة التي تقدمها عوامة أرجو ضرورية لتحسين النماذج الحاسوبية وتقليل الشك في توقعات مستوى سطح البحر.
أظهرت الظروف غير المخططة التي أدت إلى بقاء عوامة أرجو تحت الجليد مزايا الأدوات الأوقيانوغرافية الروبوتية في جمع البيانات والتحمل وعمق القياس مقارنة بأخذ العينات التقليدي بالسفن والمركبات التي تعمل عن بعد. يمتلك كل نهج قيودا ثابتة، لكن إدخال العوامات المستقلة يوسع بشكل كبير القدرة العلمية على مراقبة وتفسير العمليات الديناميكية في بعض المناطق الأكثر تحديا وحرجا على كوكب الأرض.









