التكنولوجيا اليومية
·24/09/2025
تُظهر الأنهار في جميع أنحاء القطب الشمالي لونًا برتقاليًا مقلقًا، وهي ظاهرة بدأ العلماء في فهمها بفضل الأبحاث الجديدة التي تتحدى المعتقدات الراسخة حول البيئات المتجمدة. كان يُعتقد سابقًا أن الجليد يبطئ التفاعلات الكيميائية، ولكن يُفهم الآن أنه مشارك نشط، وقد يذيب المعادن الحديدية بشكل أكثر فعالية من الماء السائل، خاصة مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب وتكرار دورات التجمد والذوبان.
تشير الأبحاث الجديدة المنشورة في مجلة PNAS إلى أن الجليد ليس مجرد كتلة متجمدة سلبية. وفقًا لجان فرانسوا بويلي، الكيميائي في جامعة أوميو والمؤلف المشارك للدراسة، يمكن للجليد عند 14 درجة فهرنهايت (-10 درجات مئوية) أن يطلق المزيد من الحديد من المعادن الشائعة مقارنة بالماء السائل عند 39 درجة فهرنهايت (4 درجات مئوية).
ينبع هذا الاكتشاف غير البديهي من طبيعة التجمد. فعندما يتجمد الماء، فإنه يُنشئ جيوبًا مجهرية من الماء السائل بين بلورات الجليد. تعمل هذه الجيوب كمفاعلات كيميائية مصغرة، تُركّز المركبات وتصبح شديدة الحموضة. تسمح هذه الحموضة لها بالتفاعل مع المعادن الحديدية حتى في درجات حرارة منخفضة جدًا، مثل -4 درجات فهرنهايت (-20 درجة مئوية).
حققت الدراسة على وجه التحديد في معدن الجيوثايت، وهو معدن أكسيد الحديد الشائع، بالاقتران مع الأحماض العضوية الطبيعية. ووجد الباحثون أن الدورات المتكررة للتجمد والذوبان أذابت الحديد بشكل أكثر فعالية. ويرجع ذلك إلى أن المركبات العضوية، المحتجزة في البداية داخل الجليد، تُطلق خلال هذه الدورات، مما يبدأ تفاعلات كيميائية إضافية. كما أشارت الدراسة إلى أنه بينما يعزز الماء الأجاج والعذب هذا الذوبان، يبدو أن مياه البحر المالحة تمنعه.
لهذه النتائج آثار كبيرة على البيئات الحمضية المختلفة، بما في ذلك مواقع تصريف المناجم، والغبار الجوي، والتربة الكبريتية الحمضية الساحلية، وأي بيئة متجمدة تتفاعل فيها المعادن الحديدية والمواد العضوية. ومع استمرار ارتفاع درجة حرارة المناخ، من المتوقع أن يزداد تكرار دورات التجمد والذوبان.
أوضح أنجيلو بيو سيبالي، المؤلف الرئيسي للدراسة وطالب الدراسات العليا في الكيمياء، أن كل دورة تجمد وذوبان تطلق الحديد من التربة والتربة الصقيعية إلى الماء. يمكن أن يكون لهذه العملية تأثير كبير على جودة المياه والنظم البيئية المائية عبر مناطق شاسعة من القطب الشمالي.
تُبرز الأبحاث الجليد كـ "لاعب نشط" بدلاً من كونه وسيط تخزين سلبي، مما يؤكد الحاجة إلى مراقبة دوره في التغيرات البيئية التي يسببها تغير المناخ. قد يساعد حل الدراسة للضوابط الكيميائية على ذوبان المعادن في الجليد في تفسير اللون البرتقالي الغامض الذي لوحظ في أنهار القطب الشمالي، وهو مؤشر بصري لهذه التحولات البيئية العميقة.









